الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية فيها نبرة تهديد: خالد شوكات يوجه رسالة مشفرة الى يوسف الشاهد

نشر في  08 جوان 2017  (12:17)

كتب خالد شوكات عضو القيادة الوطنية ومدير مركز نداء تونس للدراسات مقالا نشرته الشروق في عددها الصادر امس الاربعاء وجّه من خلاله نقدا لاذعا الى رئيس الحكومة يوسف الشاهد على خلفية ما جاء في حواره الصحفي الاخير حيث اعتبر انّه يمارس نوعا من العداء نحو حركة نداء تونس والذي تم ترجمته عبر تشبّثه بمفهوم «رئاسي» لموقعه يجعله فوق جميع الأحزاب على حد تعبير شوكات..

كما ذكّر خالد شوكات يوسف الشاهد في ذات مقاله بمصير أسلافه من رئساء حكومة سابقين اثر الأزمة الناجمة عن العلاقة المتوترة وغير البناءة بين رئيس الحكومة السابق وحركة نداء تونس، وهي الأزمة التي قادت في النهاية إلى سقوط الحكومة الماضية وفق قوله..

وفي ما يلي ما جاء في نص المقال كاملا:

"تكتسي العلاقة بين رئيس الحكومة والحزب الأول الفائز بالانتخابات البرلمانية، أهمية استثنائية ومركزية، في الأنظمة البرلمانية وشبه البرلمانية، لعدة اعتبارات لعل أهمها أن شرعية الحكومة أو تجسيدها لمبدأ السيادة الشعبية -أهم المبادىء التي تقوم عليها الديمقراطية التمثيلية- مستمد بالأساس من التفويض الشعبي الذي حاز عليه الحزب الأول، فدون هذا التفويض لا سند شعبي ولا مبرر قانوني أو أخلاقي لوجود هذه الحكومة أصلا.

وعليَّ الاعتراف بأنني عندما قرأتُ الحوار الصحفي الذي أجراه مؤخرا رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في نسختيه العربية والفرنسية، بإمعان واهتمام كبيرين، بالنظر إلى المرحلة الحاسمة التي تمر بها بلادنا عموما، ومشروعها الديمقراطي على وجه الخصوص، وقفت على أننا على وشك الوقوع في ذات المشكلة التي عشناها الصائفة الماضية، وفحواها هذا الالتباس الكبير في علاقة رئيس الحكومة بالحزب الأول، أي بحركة نداء تونس، وترجمته تشبّث رئيس الحكومة بمفهوم «رئاسي» لموقعه يجعله فوق جميع الأحزاب، أو على مسافة واحدة منها كما هي العبارة الدارجة الأثيرة، وكأن رئيس الحكومة يقلد رئيس الجمهورية على اعتبار أنه منتخب من الشعب مباشرة، بينما ترى قيادة حركة نداء تونس أن المفهوم الأوجب والأولى بالاتباع هو المفهوم البرلماني أو شبه البرلماني الذي يذكّر رئيس الحكومة بأن شرعيته متفرعةٌ من شرعية الحزب الأول الفائز بالانتخابات، وبأن حكومته ما هي إلا نتاج التفويض الشعبي لهذا الحزب الذي سيسائله الشعب عنها وعن محصلة أدائها في أول استحقاق انتخابي قادم.

والمفارق في هذه الوضعية، أن رئيس الحكومة الحالي قد عايشَ بنفسه ضمن مؤسسات الحزب القيادية، أثر الأزمة الناجمة عن العلاقة المتوترة وغير البناءة بين رئيس الحكومة السابق وحركة نداء تونس، وهي الأزمة التي قادت في النهاية إلى سقوط الحكومة الماضية، وانتصاب حكومته الراهنة، ولا أحد يملك تفسيرا لإصرار رئيس الحكومة الجديد - الذي هو أحد أبناء الحركة- على تبني مفهوم العلاقة ذاته الذي قاد إلى انهيار حكومة سلفه. 

عليَّ الاعتراف هنا أيضاً، بأنّني كنت على وعي - بما إِنَّنِي كنت سبّاقاً اثر فوزنا الانتخابي أواخر 2014 في التأكيد على حق النداء في قيادة الحكومة وتعيين أحد قياداته رئيساً لها- بخطورة العلاقة المتوترة مع النداء على مستقبل الحكومة، وأذكر إِنَّنِي نبهت في ثلاث مناسبات على الأقل رئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى ضرورة أن يخصَّ قيادة النداء بما يليق بمقامها كحزب أول رئيسي في الائتلاف الحكومي، لكنّ طبيعته الذاتية والموضوعية حالت دون أخذهِ بنصيحتي رغم محاولته النسبية في الأيام الأخيرة، عندما اتسع الفتق على الراتق ولم يعد حينها للصلح مكان.

لقد كرّر الشاهد في أكثر من موطن في حواره، ما يدلّ على استعلاء نسبي عن الأحزاب عموما، وعن حركة نداء تونس خصوصا، فهو «خادم الدولة وهو معوّل على السند الشعبي المباشر وهو يعامل الأحزاب جميعاً من نفس الموقع وعلى درجة من المساواة...»، بالاضافة إلى إشاراته السلبية لوضعية النداء القيادية بعد مغادرة رئيس الجمهورية، ثم تفريقه في النظر والمعاملة بين الوزراء والنواب فيما يتصل بشبهة الفساد التي تطال هؤلاء وأولئك، وانعدام إطار مؤسساتي دوري ينظم التواصل بين الطرفين، يصبُّ في اتجاه تزكية الاعتقاد بأن رئيس الحكومة قد اتخذ موقفاً أكثر جفاء من النداء، قياساً بما كان عليه الوضعُ مع رئيس الحكومة السابق، والجفاء مقدمة للقطيعة عادة، والقطيعة مقدمة لأزمة لم نكن في قيادة النداء نرغب في حصولها، ومازلنا نتمنى أن لا نصل إليها، وسنعمل ما وسعنا على تلافيها. 

لقد نبّهت القيادة الوطنية لحركة نداء تونس في عديد المرّات مؤخرا، رئيس الحكومة إلى أهمية أن يعيد بناء محيطه الحكومي الوزاري والاستشاري على نحو يساعده على ترميم العلاقة مع حزبه الأصلي، إذ لا يخفى على أحد أن الطاغي على هذا المحيط العداء للنداء وسوء التقدير والتدبير وناكر ونكير، وعندما تكون بطانة الحاكم ذات نظرة سلبية وعدائية فإنها لن ترشد الحاكم في الغالب إلى ما فيه خيره وصلاحه، بل ستكثرُ من خلق الأعداء له بين أصوله، ولعلها تشجعه على اتيان ما لم يجرؤ عليه أسلافه.

وقد قدَّمت حركة نداء تونس منذ فوزها بالانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2014، كل ما استطاعت لحماية مسار الانتقال الديمقراطي وضمان عدم انتكاسه، ولن تتوانى في أي لحظة عن تقديم مزيد التضحيات والنضالات ليتقدم هذا المسار، من منطلق ايمانها العميق بأن الديمقراطية وحدها من يضمن تحقيق تنمية مستدامة، عادلة وشاملة، وذلك خلافا للأنظمة التسلطية والديكتاتورية، التي يمكن أن تنتج تنميةً، ولكنها بالضرورة تنمية عاجزة وناقصة ومختلة، وهي بقدر تضحيتها من أجل الوطن والديمقراطية، بقدر تشبثها بعلاقة عادلة وسوية مع رئيس الحكومة، وتمثيل لائق في تركيبة الحكومة، من أجل استقرار النظام السياسي وتدفق ونجاعة العمل الحكومي، فإذا ما تبيّن لها عدم العدل في معاملتها ومساواتها بمن لا يملك أي تفويض شعبي أو مكانة نيابية، فإنها ستحاول العمل بالوسائل والأعراف الديمقراطية على تسوية الوضعية غير السويّة، ولقيادتها الوطنية من الجرأة والشجاعة والعزيمة ما يعينها على النجاح في ذلك."